السعودية والمعونات للسلطة الفلسطينية ( 2 ) . بقلم : الشريف محمد خليل الشريف
وقفت الدول العربية بحكوماتها وشعوبها كلها إلى جانب الشعب الفلسطيني بعد النكبة العربية الكبرى في فلسطين وما سمي بنكبة فلسطين 1948 في كفاحه من أجل تحرير أرضه والعودة إليها ، واستمرت على ذلك مع منظمة التحرير الفلسطينية منذ مولدها عام 1964 وذلك من خلال الدعم المادي والمعونات المالية والمعنوية بشتى الوسائل ، لتزداد هذه المعونات بعد نكسة 1967 لتشمل المعونات العسكرية بعد ظهور المنظمات الفلسطينية المسلحة ، إلا أن هذه المعونات كانت تختلف من دولة إلى أخرى وتتوقف أحيانا من بعض الدول وذلك نتيجة السياسة الخاطئة لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والتي تسيطر عليها منظمة فتح ، حتى جاءت السلطة الوطنية الفلسطينية نتيجة ولادة قيصرية لمعاهدة أوسلو التي انفردت قيادة المنظمة ممثلة بقيادة فتح بتوقيعها ، وبقيت المملكة العربية السعودية على موقفها من تقديم الدعم والمعونات ، إلا إن هذا الدعم وهذه المعونات ومن كل الدول الداعمة والمانحة يصب في قناة السلطة الفلسطينية ، والتي تشكو من عجز في ميزانيتها ، ولا أعتقد إن هناك عاقل واحد يصدق بالعجز إذا تم استغلال المعونات بالطرق المشروعة والصحيحة ولمصلحة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من البطالة وسوء الأحوال الأمنية ولم تستغل لمصالح شخصية لبعض المتنفذين وأعوانهم ، مما أعطى فرصة للاحتلال الصهيوني بأن يمارس على الشعب وأرضه أبشع أنواع الاستغلال والغطرسة بالتنكيل والطرد والاعتقال وهدم البيوت والمسجد ونبش المقابر الأسلاميه والاستيلاء على الأراضي والممتلكات ، وكل هذا يحدث أمام السلطة الفلسطينية الهزيلة والتي لا تملك من أمرها شيئا .
والمملكة العربية السعودية من الدول القليلة التي لم تتوقف يوما عن تقديم الدعم والمعونات للسلطة الفلسطينية ، والتي يقف لها كل الشعب الفلسطيني احتراما وشكرا وتقديرا ممثلة في ملوكها آل سعود رحمهم الله وصولا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود أطال الله عمره ، وكذلك الأمراء أصحاب القرار ، والشعب العربي السعودي الكريم ، حيث تقدر المعونات المالية للسلطة الفلسطينية 1,6 مليار دولار منذ 1994 حتى حزيران/يونيو 2011 م ، كانت موزعة كالآتي : 84 مليون دولار من 1994 ـ 1997 ، 1,250 مليون عام 1998 ، 25,500 مليون عام 1999 ، 12 مليون عام 2000 ، 260 مليون عام 2001 ، 134 مليون عام 2002 ، 88 مليون عام 2003 ، 80 مليون عام 2004 ، 50 مليون عام 2005 ، 84 مليون عام 2006 ، 128 مليون عام 2007 ، 235 مليون عام 2008 ، 240 مليون عام 2009 ، 146 مليون عام 2010 ، بالإضافة إلى 10% من أرباح الصندوق السعودي سنويا ، بالإضافة إلى ما تقدمه من تبرعات عن طريق البنك الدولي والقنوات الأخرى ( والتي لم نحصل على قيمتها ) ، إن هذه المعونات تعكس الاهتمام السعودي الحقيقي لدعم الشعب الفلسطيني لصموده على أرضه ،ولا نعتقد أنها مقدمة للسلطة ورجالها ليعبثون بها كما يعبثون بباقي المعونات المقدمة من باقي الدول العربية والدول المانحة وأمريكا ، فإذا علمنا أن أمريكا منفردة تقدم للسلطة الفلسطينية مبلغ 200 مليون دولار سنويا تقسم مناصفة 100 مليون دولار لدعم قوات الأمن والتي يتم تدريبها تحت إشراف أمريكي للتعاون مع الأمن الإسرائيلي ، و 100 مليون دولار لمنظمات المجتمع المدني بالضفة الغربية وقطاع غزه ( ومن الطبيعي أنها تسلم للسلطة ) ، ورغم هذه الأموال تشكوا السلطة الفلسطينية من العجز في الميزانية يل وتطالب بزيادتها .
إن المعونات المقدمة للسلطة الفلسطينية لو أحسن القائمون على السلطة استعمالها لعاش الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال ورحمة السلطة في بحبوحة من العيش وبكرامة يستحقها ، وهذا ما طالبنا به في مقالتنا الأولى تحت نفس العنوان ، إلا أنه وقد حدث ما هو أشد فتكا بالقضية الفلسطينية حيث بدأت سلطات الاحتلال بتسجيل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية للمستوطنين ، وهي على وشك لسن قانون بهذا الشأن ، فإننا هنا وبأسم كل الشعب الفلسطيني وكل أحرار الأمة العربية نناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بما يملك من حكمة وحرص على قضية العرب المحورية الفلسطينية ، بأن تقوم حكومة المملة العربية السعودية باقتطاع نسبة من معونتها للسلطة الفلسطينية لشراء الأراضي في الضفة الغربية المحتلة وخاصة الأراضي الزراعية وأراضي المناطق التي ترى أنها حساسة ، وتسجيل هذه الأراضي بأسم المملكة العربية السعودية وإبقاء أهلها فيها ينتفعون بها بموجب اتفاقيات وعقود مبرمة بين الطرفين ، كما نأمل من حكومة المملكة العربية السعودية بما تتمتع به من سياسة حكيمة ورائدة أن تطلب من دول مجلس التعاون الخليجي القيام بنفس العمل وهي قادرة على ذلك بحكم دورها القيادي والفعال ، فهذه دول ذات سيادة تتمتع بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة وجميع منظماتها ، ولا تستطيع حكومة الاحتلال المساس بحقوقها وبأمكانها إذا تعدت سلطات الاحتلال على أملاكها التوجه للأمم المتحدة أو للمحاكم العالمية وهذا ما لا تستطيع فعله السلطة الفلسطينية ، وبهذا تكون نسبة من المعونات المقدمة للسلطة من هذه الدول قد وضعت في مكانها الصحيح وعادت بالفائدة العظيمة على الشعب الفلسطيني المحتل وعلى قضيته العربية العادلة ، فالمعونات المقدمة للسلطة الفلسطينية الهزيلة والمكبلة لم تحقق أهدافها المقدمة من أجلها لأسباب عده أهمها القائمين على السلطة .
نأمل إن تصل رسالتنا ... والله من وراء القصد .
Email; [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]