قصيدة في حصار غزه

في حصار غــــزة
د.الشريف محمد خليل الشريف

عجوز جاوز المائة من عمره
رسم الزمان على وجهه
خارطة وطن
دققت في الخارطة
فكانت فلسطين
المعالم قد إندثرت
المساجد إستبيحت وهدمت
الأشجار أقتلعت وقطعت
المدن أصبحت أطلالا
حتى أسماءها تغيرت
واسم قريتي قد شطب
لاحرج إن ناديته جدي
فهو جدي وجدك
إما بالشيخوخة
أو القرابة
أو النسب
ويسألني جدي
لما أنت واجما مكتئب
تجري الكلمات على لساني
مجرى الشلال
المندفع من علو
تسقط في حلقي
سقوط أوراق الشجر
في فصل خريف محتجب
وتحتار شفتاي
كيف تجمع الكلمات المتبعثرة
والحروف المتناثرة
تناثر قطرات الندى
فوق التراب
وبأي جواب أجب
الأقصى بالأغلال مكبل
ووطني كله مغتصب
حتى أشجار مزرعتي جرفت
فلا زيتونا ولا تينا ولا عنب
وغزة هاشم محاصرة
تحسب لا حياة على أرضها
ولا لعب
فلا ضياء ولا دواء
ولا غذاء
ولا ماء للشرب
وغلق المغتصب الأبواب
وقال للشعب هيت لك
وقد الثوب من قبل
وقد الثوب من دبر
فلا هان الشعب
ولا عن الجهاد تغرب
أختزل الزمان في أفقي
وعدنا للعصر الحجري ننتسب
لا وقود ولا كهرباء
وعادت الحرائر تحتطب
وفلاحة بثوبها المطرز بالكبرياء
تجلس أمام الطابون
تطعمه الحطب
تغني عتابا وميجنا
تضحك أحيانا
وأخرى تنتحب
ربما على الأمجاد الغابرة
وربما على الحاضر المظلم المضطرب
في الأعماق طعنا
ودين الإسلام قد ضرب
ونبينا محمد قد ناله
نصيب من القذف والسب
وآيات الجهاد قد حرفت
للإرهاب والتخريب والتعصب
فالمجاهد إرهابي
والمقاتل في سبيل الحق مخرب
وقادتنا لا تملك إلا
تصافح وتعانق ثم تتقرب
وإن أخذتها حمية الإسلام
تستنكر وتسـتهجن ثم تشجب
لن أطيل عليك يا جدي
سأختصر ما إستطعت وأقتضب
فحياة شعبي مرهونة
بقرار من بني صهيون وجاكوب
وقد ضاعت القضية بين هذا وذاك
وبين من يجيد الرقص
على الحبال واللعب
فكيف يعود الحق لأهله
وحراس الحق بأهل الحق
تشعل النار وتحتطب
أبعد هذا يا جدي كله
تسألني لم أنت مكتئب
إدعو لنا الله يا جدي
فالله عساه لك يستجب
فأنت من جيل غير الجيل
ومن زمان غير الزمان
ومن عرب غير العرب
بأن يعجل يوم الحساب والكتب
ليلقى كل جزاه على ما إكتسب
ويلقى كل جزاه على ما إرتكب
<<<<<<<<>>>>>>>>>>