مخيم غزة في الذاكرة – كمال نصار
غلاف صفحتي الجديد هو صورة لمخيم غزة في الاردن ويقع في محافظة جرش ويحيط به مجموعة من القرى الأردنية وادي الحدادة من جهة الغرب ومنطقة الجبيرات وأثار جرش من الشرق وقرىة سوف من الشمال الشرقي والكتة من الشمال وقرية ريمون ونحلة وساكب من جهة الشمال الغربي أما من الجنوب مجموعة من الاراضي الزراعية والحرجية عائدة في ملكيتها الى قرى وادي الحدادة والكتة والجبيرات . وجنوب هذه الاراضي يقع الطريق الرئيسي الواصل بين مدينتي جرش عمان .
تحيط بالمخيم مرتفعات جبلية شاهقة منها جبل الأقرع وكلها جبال حرجية مزروعة بأشجار البلوط والصنوبر وتقع منطقة دبين السياحية في منصف هذه الجبال من الجهة الغربية للمخيم كما تقع أثار جرش ومدينة جرش شرق المخيم.
يقع مخيم غزة في منطقة سياحية جميلة جداً حيث المناخ رائع في فصل الصيف وبارد في فصل الشتاء وتمتاز القرى المحيطة بالمخيم بطيبة أهلها وكرمهم وكانت تربطني بأبنائها صداقة متينة لا زالت مستمرة مع بعضهم على الرغم من غيابي عن المنطقة مدة 38 سنة ورغم كل هذه السنوات العجاف لا زال الحنين والشوق يشدني الى المخيم والقرى المحيطة به . لا عجب في هذا لأني ترعرت في المنطقة مدة سبع سنوات من عام 1968 الى عام 1975 عندما أكملت التوجيهي بتفوق وكنت أول غزاوي تطلع له منحة دراسية حكومية ولكن كوني غزاوي لم احصل عليها وراجعت في حينها مازن الساكت وكيل وزارة التربية ولكنه رفض للسبب المذكور.
وأكثر شيء كان ممتع لي أني كنت راعي لغنم والدي في تلك المرتفعات المليئة بالحيات والعقارب والثعالب وبعض الذئاب وكنت أسرح بالغنم الساعة الخامسة صباحاً لأعود بالسابعة كي أداوم في المدرسة وبعد عودتي من المدرسة أساعد والدتي في تعبئة برميل الماء وبعدها ألعب وألف المخيم عدة مرات ولم أكن أتعب وعلى الرغم من كل هذه الأعمال الشاقة كنت متفوق في الدراسة رغم فقر الحال وشحة كل شيء لأي شيء هناك نقص في التغذية ونقص في الملابس ونقص في كل شيء تقريباً عدا ساحات اللعب كنا نخلقها كي نلعب ( عذراً على التعبير ) .
بمهنى لم يكن عندنا فراغ مشفولين على مدار الساعة دون كلل أو ملل بل كنا ماكنات حقيقة أقوى وأفضل من فريق الماكنات الألماني بألف مرة والله هذه حقيقة لا مبالغة فيها.
وفي تلك الايام كانت جميع الجبال المحيطة بالمخيم جرداء . بدأت زراعة تلك الجبال بالأشجار الحرجية عام 1972 وكان المسئول عنا المرحوم جارنا العزيز ابو خلف ( سليمان ابو عبيد ) ألف رحمة على روحه الطاهره .
للعلم ابو طاهر ابو عبيد ابن هذا الرجل هو الذي أرسل لي صورة غلاف صفحتي الجديدة
فلا غرابة في هذا ( هذا الشبل من ذلك الأسد)
كان والد الأخ ابو طاهر يراعيني ولا يكلفني أكثر من طاقتي حيث كان عمري 15 سنة .كان لطيفاً معي بحكم أننا جيران وعدا عن هذا وذاك كان الرجل يتمتع بكل مكارم الاخلاق.
تشتهر القرى المحيطة بالمخيم ببعض المحاصيل وأهم محصول عندهم هو الزيتون أضافة لتربية الأبقار والأغنام.
كان عدد سكان مخيم غزة عام 1968 حوالي عشرة الاف نسمة كلهم من قطاع غزة
وأغلبهم كانوا لاجئين في غزة ولكن بعد هزيمة 1967 غادروا قطاع غزة للأردن لأسباب شتى وعلى الرغم من وجودهم في الاردن منذ أكثر 40 عاماً لا يتمتعون بأي حقوق ومحرومين من العمل في الدوائر الحكومية بل محرومين من الخدمات وكل البني التحتية.
عدا مضايقات التنقل والسفر وغيرها لأن المسئول عن شئون المخيم بشكل فعلي هو جهاز المخابرات والمطلوب نقل هاي المسئولية للشرطة المحلية وأمن المحافظة ولكن هذا هو الواقع . واقع مرير يعيشة شباب المخيم مع ان هؤلاء الشباب رجال بمعنى الكلمة يحبون فلسطين وغزة تحديداً ويحبون الأردن ولا يمكن لشباب مخيم غزة أن يؤذوا الأمن الأردني بل شباب مخيم غزة يمتازون بالرجولة والشجاعة والمروءة والنخوة ومن يمتلك هذه الصفات لا يمكن أن يؤذي البلد الذي يعيش فيه .
ولكن أعذرونا أن كنا نحب غزة وفلسطين أكثر من الأردن أو غيرها
بل شباب مخيم غزة حريصون على أمن الاردن أكثر من الاردنيون أنفسهم بس شو تقول لمن يحاول صنع بطولات وأمجاد على حساب شباب مخيم غزة
تحياتي لكل فرد في مخيم غزة وأضع قبلة حب الوطن على جبين كل واحد فيكم
أخوكم - كمال نصار
العراق - بغداد
15 - 9 - 2014