ملاحظات ايجابية عن مجالس العزاء المقامة في العراق – كمال نصار
في البداية أشكر الأخ جمال الشريف على ( الحلقة 31 ) من ذكريات خالدة لما فيها من محاولة لتحريض الناس على الالتزام بالعادات القديمة ونبذ ما أستجد من مظاهر حديثة لا تتناسب مع مجلس العزاء.
في العراق مثلاً يسموا مجلس العزاء ( بالفاتحة ) وهنا الفاتحة لها قدسية خاصة منها:
1- عندما يدخل شخص خيمة الفاتحة يسلم على كل الموجودين بمصافحة اليد حتى لو كان الحضور أكثر من ألف شخص وفائدة هذه الظاهرة المودة والمحبة وهو إن الشخص مضطر لمصافحة الجميع حتى لو كانت بينه وبين الشخص الأخر عداوة. وهذه المصافحة والمواساة تخفف من الاحتقان والبغض بينهما . وكثيراً ما تمت مصالحة بين عدة أطراف في فاتحة فلان وقد يتفقوا من خلال فاتحة فلان على حضور كعدة مصالحة فيما بعد انتهاء الفاتحة . لكن عندنا في فلسطين يدخل الشخص ويسلم دون إن يصافح أحد ويقرأ سورة الفاتحة وعند خروجه يصافح أهل الميت فقط وأعتقد عادة المصافحة للجميع عي طاهرة أفضل من عدنا.
2- في العراق هناك مثل شعبي يقال للتندر ( فاتحة وخسرانة ) بمعنى ما في فاتحة تخسر لأن المبالغ التي يتم جمعها أكثر من تكاليف الفاتحة مع العلم أن مراسيم الفاتحة في العراق مكلفة جداً حيث وجبة الغداء والعشاء يومية وعلى مدار ثلاث أيام . ولكن في العراق إذا مات شخص من عشيرة معينة فكل أبناء العشيرة الرجال من عمر يوم واحد فما فوق الكل ملزم بالدفع وسموه ( واجب العزاء ) يضاف لهذا كل شخص من غير عشيرة الميت مثل جيرانه أصدقاءه زملاءه بالعمل يدخل خيمة العزاء ملزم بدفع واجب حسب قدرته
3- ولكن أبناء عشيرة الميت ملزمين بدفع مبلغ محدد متفق عليه بين أبناء العشائر العراقية وهذا المبلغ يحدد حسب غلاء المعيشة فمثلاً كان في السابق مبلغ ألف دينار يعادل تقريباً دولار ولكن الآن الدفع هو تقريباً بما يعادل دولارين للفرد بمعني عائلة مكونة من خمسة أفراد ملومة دفع عشرة دولارات. لهذا لا يمكن فاتحة أي ميت تكون خسرانة
4- ظاهرة توزيع الحلوى والفاكهة في العراق موجودة في ثالث أيام العزاء مع وجبة العشاء الأخيرة .
5- وفي ظاهرة فريدة أن جميع أبناء العشيرة من عمر 18 سنة فما فوق ملزمون بحضور الفاتحة حتى لو لمرة واحدة طيلة أيامها الثلاث ولا عذر للمتخلف ألا إذا كان قاهر وفي هذه الحالة على المتخلف إرسال شخص ينوب عنه من أولاده أو أخوته وهناك دفتر يسجل اسم كل شخص دفع ( واجب العزاء ) مشاركة في فاتحة فلان بمعنى أن جميع الحضور لازم يدفعون مبلغ معين حسب قدرته فالتالي عدد الحضور مسجل فعندما يموت أحد أقارب واحد من الحضور من عشيرة أخرى وجب على أهل الميت حضور فاتحة ذلك الشخص وأداء واجب العزاء وألا يعيروهم الناس ويصبحوا منبوذين في المجتمع..
6- أرى أن ظاهرة التكافل والتضامن ومراسيم الفاتحة عند الإخوة العراقيين أكثر انسجاما وأفضل من عندنا نحن الفلسطينيين من حيث التواصل الاجتماعي.